تناقضات“ الكتاب المقدس”

Cover Image for: objection-introduction

مقدمة

من المحتمل أنك قد سبق وسمعت في مرّاتٍ متعددّة الإدّعاء القائل بأنه ليس من الممكن الوثوق بالكتاب المقدَّس حيث أنَّه مليء ”بالتناقضات“. إلا أنَّ الحقيقة هي أننا حين نقوم بالاستقصاء وطلب تقديم الآيات التي يُفتَرض بأنها متعارضة بعضها مع بعض، سنجد أن معظم غير المؤمنين بالكتاب المقدَّس يقفون عاجزين عن تقديم أمثلة عن ذلك. الواقع أنَّهُ قد تناهى إلى مسامعهم بأنَّ الكتاب المقدَّس يناقض نفسه، وهم قاموا بتكرار هذه الإدعاءات متجاهلين الحاجة إلى التدقيق في مصداقيتها. هذا يُظهر بأن معظم ناقدي الكتاب المُقدَّس ليسوا مُهتَمِّين بالقيام بأي دراسات عقلانية لهذه الإدعاءات. إنما بشكل عاطفي هم لا يحبّون الكتاب المُقدَّس ولا يستسيغون تعاليمه الأمر الذي يدفعهم إلى اختيار عدم الإيمان به. ثم بعد ذلك وبطريقة غير نقديّة يقبلون أي تعارض يصل إلى مسامعهم لمجرَّد كونه يدعم موقفهم غير المدروس. فإنه بالنسبة لناقدي الكتاب المُقدَّس ليس هنالك من حاجة للقيام بأي بحث للتحقق من مصداقية الإدعاءات، إن مجرَّد كونها تدعم الموقف المسبق هوأمر يفي بالغرض.

إن الشبكة العنكبوتية هي مكان جيد للعثور على أمثلة مشابهة لما سبق تقديمه، كما أنها تسمح لهؤلاء الناقدين غير الدارسين بأن يقوموا بتدعيم مواقفهم من خلال توصيلهم بمقالات مؤيّدة لتلك المواقف مُقدَّمة من قِبَل ناقدين آخرين غير مطلعين. ونجد بعض المواقع الإلكترونية تقوم بتقديم لوائح طويلة من الإدّعاءات بالتناقض بين آيات الكتاب المُقدَّس، وفي بعض الأحيان نجد أن هذه اللوائح تصل إلى عدة مئات من المُدخَلات وقوائم كهذه تكون مثيرة للإعجاب وقد تُعطي انطباعاً بأنها تُثبت موقف المُعارض للكتاب المُقدَّس من خلال المئات من التناقضات التي تقدِّمها. فكيف يُمكِن لأي شخص أن يثق بالكتاب المُقدَّس. ونجد الكثير من الناقدين يستخدمون لوائح مُشابهة في سياق مناظراتهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي على اعتبار أنها تُشكِّل دليلاً حاسماً يُفنِّد مصداقية الوحي المُقدَّس. ويعتقد الكثيرون بأنّ هذه المئات من التناقضات قد سبق وتمت دراستها بدقّة وأمانة علمية وأدبية للنص الكتابي وبالتالي فهي تمثّل تناقضات حقيقيّة، أليس كذلك؟ ان ما سيتبيّن هو أن الحقيقة هي مختلفة عن ذلك بشكل كامل، وذلك بمجرد بذل القليل من الجهد في تقصّي الحقيقة وإجراء البحث والدراسة، والنتيجة ستكون أنه ليس ولا واحد من مُدخلات تلك القوائم يشكِّل تناقضاً حقيقيّاً. وفي معظم الحالات نجد أنَّ الناقد وبساطة شديدة لم يقم بقراءة النص بشكل دقيق ومتأنٍّ  أو أنه قد أخرجه من سياقه الأدبي. وفي حالات أُخرى نجد أن الناقد قد قام بارتكاب أخطاء منطقية. وفي حالات أُخرى قد استخدم واستشهدَ بالفروقات التوافقية التي سنتعرض لها لاحقاً بأكثر تفصيل. إن هذا يقودنا إلى الإعتقاد بأنَّ بعض الناقدين قد فشلوا في فهم معنى ”التناقض“. وخلال صفحات هذا الكتاب ستتم معالجة الغالبية العظمى من التناقضات المُفترضة التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الإجتماعي والمنصات الألكترونية، وقد يوجد عدد قليل جداً مما لم يصل إلينا أو أنه قد تمَّ نشره بعد تاريخ صدور هذا الكتاب. وإنَّه لمن المفيد أن نقوم برحلة عبر مُدخلات هذه القوائم وخلال هذه الرحلة نقوم بقراءة دقيقة ومتأنّية لنصوص الكتاب المُقدَّس لمعرفة حقيقة ما يُقدِّمَهُ الكتاب المُقدَّس. هذا سوف يساعدنا على فهم النص المُقدَّس بطريقة أفضل. وهذه بركة إضافية نحصل عليها. كما أنَّ ثقتنا في الوحي المُقدَّس سوف تتثبَّت أكثر، من خلال إظهار فشل أفضل ناقدي الكتاب المُقدَّس في العثور على تناقض حقيقي احد. وهذا يكشف بأن الموقف الذي يتَّخِذه المعارضين برفضهم للوحي الإلهي في كلمة الله ليس موقفاً عقلانياً إنما هو موقف عاطفي تحرِّكَه مشاعر الكراهية تجاه الله. كما أن هذه القوائم التي تحمل مئات المدخلات تُظهر افتقار المعارضين للبحث الدراسي الجاد، وهي تؤكد الحقيقة التي وردت في رسالة رومية ١: ١٨-٢٥.

إن جميع هذه الإدّعاءات التي سيتم معالجتها قد سبق وتم استخدامها عبر الشبكة العنكبوتية. وفي الحقيقة إن اللوائح الشائعة التداول من قبل المعترضين ربما قد تحمل جميع هذه الإدعاءات. لكن الآن وقبل أن نخوض في غمار هذه الدراسة يجب أن نتوقف أولاً عند تعريف ماهية التناقض.

ما هو التناقض إذاً؟

إنه من المفيد دائماً أن يتم تقديم تعريف لأي من المصطلحات التي تتصل بالموضوع قيد النقاش وذلك قبل البدء به. ونظراً لكون الموضوع المطروح يختصّ بمفهوم التناقض، فهذا يتطلب منا أن نقوم بتحديد تعريف ذلك المصطلح.

يمكن القول عن تصريحين أنهما متناقضين حين يقوم أحدهما بالتأكيد والآخر بالنفي. على سبيل المثال إن التصريح ”بكون السماء هذي زرقاء“ هو متعارض مع التصريح ”بأنَّ السماء ليست زرقاء“. وحين نقوم بجمع هذين التصريحين يتشكَّل لدينا تناقضاً بالشكل التالي: ”إنَّ السماء زرقاء وهي ليست زرقاء“. فيمكن لأي شخص أن يحول أي تصريح إلى تعارض من خلال إضافة النقيض.

إن التناقض بحسب علم المنطق يحدث عندما يكون لدينا الحدث ”أ“ والحدث ”ليس أ“ معاً في الوقت عينه وفي ذات العلاقة أو المعنى. ان الحدث ”أ“ هو أي ادّعاء بحقيقة مُعيَّنة، وهو ما ندعوه بحسب علم المنطق بالفرض. وأي فرض سيكون إمّا صحيحاً أو خاطئاً. والفرض المُعاكس سيكون ذو قيمة مُعاكسة. فإن كان لدينا الحدث ”أ“ صحيحاً فسيكون الحدث ”ليس أ“ خاطئاً والعكس كذلك، فإن كان الحدث ”أ“ ليس صحيحاً فإن الحدث ”ليس أ“ سيكون حقيقياً. والتناقض يحدث عند الجميع بين الحدثين ”أ“ و ”ليس أ“.

المؤَهِّل ”في الوقت عينه“ هو ذو أهمية كبيرة. فالقول بأن ”السماء زرقاء اليوم وهي لم تكن كذلك في الأمس“ ليس بتناقض، ذلك أنَّ الإدّعائين السابِقَين قد وقعا في زمانين مُختلفين. فبعض الأشياء تتغير مع مرور الوقت. فالحدث (أ) قد يكون صحيحاً اليوم في حين أن الحدث المضاد ”ليس أ“ سيكون صحيحاً في الغد. فعلى سبيل المثال، كان الله قد اشترط أن يتم ختان كل ذكر من أطفال اسرائيل في زمن العهد القديم (تكوين ١٧: ١٠-١٣) ولكن في وقت لاحق وفي ظل العهد الجديد لم يعد الختان مشروطاً (غلاطية ٥: ١-٦). ليس هنالك من تعارض بين كون الله قد اشترط الختان في وقت من الأوقات وأن الله لا يشترط الختان في في وقتٍ لاحق. ومع ذلك نجد أن هذا المثال يستخدم من قبل المعارضين على أساس أنه أحد التناقضات، وسيتم معالجته بتفاصيل أوفى لاحقاً (انظر #١٨٥).

والمُؤَهّل الثاني هو ”أن يكون الحدثان في ذات العلاقة أو المعنى“ هو بالغ الأهمية أيضاً. فإنه ليس هنالك من تعارض بين كون الشخص ”غير مرتبطاً“ بمعنى عدم وجود زوجة و بين أن يكون الشخص ”مرتبطاً“ بعمله  بحيث أنه ملتزم بعمله. فإن معنى كلمة ”مرتبط“ مختلف بين الحالتين وبالتالي فإن أي من الإدعائين المُقَدَّمين لا يتناقض مع ما يؤكّده الإدعاء الآخر. فليس هنالك من تعارض بين ”كل واحد يحمل حمل نفسه“ (غلاطية ٦: ٥) بمعنى أن يتحمّل أعباءه و التزاماتِه ، و ”احملوا بعضكم أثقال بعض“ (غلاطية ٦: ٢) بمعنى أن تساعدوا بعضكم البعض. وبالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجده مستخدماً كواحد من التناقضات التي يُقَدِّمها نُقَّاد الكتاب المُقدَّس كما سيتم معالجته لاحقاً بشكل أوفى (انظر #١٧٢). كما في المبدأ القائل بأننا لا يجب أن نجيب الأحمق بحسب بحماقته بمعنى أننا لا نتشبه به فنكون حمقى هو متوافق تماماً ولا يحمل أي تناقض مع أننا يجب أن نجيب الأحمق بحسب حماقته بمعنى أن نعكس ونظهر له حُمقَه فلا يكون حكيماً في عينيّ نفسه. ان النقاد يقعون في هذا الخطأ كما سنلاحظ لاحقاً في #٢٩٩.

ان الفروقات المتوافقة لا تشكّل أي تناقض. فليس هنالك من تناقض بين الإدّعاء بأنَّ ”السيارة سريعة“ مع الإدعاء بأنَّ ”السيارة حمراء.“ فالإدعائين هما مختلفين لكنها يمكن أن يكونا متوافقين تماماً، فالسيارة يمكن أن تكون سريعة وحمراء معاً. ونجد أن كُتَّاب الأناجيل قاموا بتسجيل تفاصيل مختلفة لما قاموا بمعاينته، لكن هذه التفاصيل المختلفة هي متوافقة بعضها مع بعض دون أي تناقض. فحين سجَّل متى أن يوسف الذي من الرّامة قد قام بدفن جسد يسوع، لم يكن ذلك مناقضاً لما سجَّله يوحنا بأن يوسف ونيقوديموس قد قاما بدفن جسد يسوع. فكل من التصريحين هو صحيح بالرغم من وجود اختلاف بينهما.  أما لو أنَّ متى قام بالتصريح بأنَّ يوسف الذي من الرّامة فقط ووحده هو من قام بدفن جسد يسوع حينئذٍ سيكون لدينا حالة من التناقض. ولا نرى هذه المشكلة في التصريح المُقَدَّم من قِبَل متى أو يوحنا. لكننا نجد أن الناقدين يقومون باستخدام هذا المثال على أنه تناقض كما سنرى في المثال #١٧٣.

إن أي تصريحين يعتبران متعارضين ان لم يكن من الممكن أن يكونان صحيحان في الوقت عينه. لكن على خلاف التصريحات المتناقضة، يمكن للتصريحين المختلفين أن يكونان خاطئين كلاهما. كما أنه من الممكن أن يكونان مختلفين لكن دون الضرورة بأن يكونان متناقضين. مثالاً على ذلك، إنَّ التصريح بكون ”إشارة المرور هي حمراء“ هو تصريح مختلف عن التصريح بأنَّ ”إشارة المرور هي خضراء.“ لكن هذا ليس بتناقض إذ أنَّه من الممكن أن يكون التصريحين خاطئين: فإشارة المرور قد تكون صفراء. لكن إن التصريح بأن ”إشارة المرور حمراء“ يناقض التصريح بأنَّ ”إشارة المرور ليست حمراء“. في الكثير من الأحيان يقول بعض الأشخاص وبطريقة خاطئة أن اثنين من الأشياء هما متناقِضَين في حين أن الحقيقة أنهما مُختَلِفَين.

المغالطات (الأخطاء) المنطقية الأكثر شُهرةً

ان ارتكاب الخطأ في التفكير المنطقي يُدعى مغالطة. وفي كثير من الأحيان نجد أن الناقدين للكتاب المُقدَّس يرتكبون تلك المغالطات المنطقية، الأمر الذي يؤدي بهم إلى الاستنتاج بأنّ آيتين من الكتاب المقدس هما في حالة من التناقض بعضهما مع بعض. في حين أن المعالجة المنطقية السليمة تظهر عدم وجود اَي تناقض البتَّة. وسنقوم بتقديم شرح لهذه المغالطات نظراً لأنه سيتم تكرار استخدامها مرّات عديدة لاحقاً.

  1. مغالطة الإحتجاج من الصمت: هي ارتكاب الخطأ بالاعتقاد بأن عدم ذكر شيئ ما يعني أنه لم يحدث. إن سٌخف هذا الأسلوب يمكن كشفه بسهولة عند التأمل في أن الكتاب المُقدَّس لم يصرِّح في أي موقع بأنَّ يوحنا المعمدان قد ”استخدم دورة المياه.“ لكن حقيقة كون هذا الأمر لم يُذكر لا يعني أنَّه لم يحدث أبداً! في بعض الأحيان سيقوم أحد كتاب الأناجيل بتسجيل تفصيل مُعيَّن في حين أنَّ كاتباً آخر يقوم بإغفال تسجيله. هذا ليس بتعارض! فالكتاب المختلفين يتخذون قرارات مختلفة فيما يتعلّق بما يقومون بتسجيله أو ما يقومون بالإغفال عنه. لكن حين يُغفِلون عن ذكر أمرٍ معين هذا لا يعني بأنَّه لم يحدث.
  2. مغالطة الفروع: ان الخطأ في الإدّعاء بكون ”أ“ و ”ب“ هما متناقضين في حين أن ”أ“ هو فرع من ”ب“ أو العكس بحيث أن ”ب“ فرع من ”أ“ وبالتالي فإن كل من الحدثين هما متوافقين. على سبيل المثال إن ٥ هي فرع من ١٠ وبالتالي فإنَّ تصريحي بأنّ ”لدي خمسة أصابع“ لا يتعارض مع تصريحي  بأن لدي ”عشرة أصابع“ حيث أن خمسة أصابع انما هي فرع من عشرة . أي أن كل شخص لديه عشرة أصابع فهو بالضرورة يمتلك خمسة أصابع (بالإضافة إلى خمسة أصابع إضافيّة). في الحقيقة أنَّ مغالطة الفروع هي أحد أنواع مغالطات الإحتجاج من الصمت، فحقيقة كون أن أحد كُتَّاب الوحي المُقدَّس لم يقم بتسجيل حدث من الأحداث أو لم يذكر أحد الأشخاص في تسجيله عن الأحداث فذلك لا يعني أنه لم يحدث أو أنَّ الشخص لم يوجد. بالتالي، واحد من الكُتَّاب قد يُصرّح بأن يسوع قد شفى شخص لديه مسّ شيطاني في حين أن كاتباً آخر قد يسجل أنَّه قد شفى شخصين. وهذا ليس بتعارض فعلى اعتبار أن يسوع قد شفى شخصين فهو بالضرورة قد شفى شخصاً واحداً (بالإضافة إلى شخص آخر.) فالكاتب الأول لم يذكر الشخص الثاني لأي سبب من الأسباب (ربما يكون الشفاء الثاني أقلّ أهمية من أن يذكر)، لكن هذا لا يعني بأنَّه لم يحدث. أما لو أن الكاتب الأول قد صرَّح بأن يسوع قد قام بشفاء شخص واحدٍ فقط، والكاتب الثاني صرَّح بأن يسوع قام بشفاء شخصين في الوقت عينه وبالمعنى ذاته، حينها سيكون لدينا مشكلة تعارض. لكن لا يوجد أي مشكلة مشابهة لذلك في النصوص المقدسة.
  3. مغالطة التشعّب (التقليص الخاطئ): وتعرف باسم مغالطة (إمّا أو). وتحدث هذه المغالطة حين يؤكد الشخص بوجود خيارين فقط في حين أنه في الواقع يوجد خيار ثالث. كما في حالة ”إنَّ الإشارة الضوئية للمرور إما أن تكون حمراء أو خضراء“ فهي مغالطة تشعّب حيث أنّ الإشارة الضوئية قد تكون صفراء. ”إما أن يتبرر الإنسان بالأعمال أو بالإيمان“ وهذه مغالطة تشعّب أيضاً فالإنسان قد يتبرر بالإيمان أمام الله في حين أنَّه يتبرر بالأعمال أمام الناس. يستخدم الناقدون هذه المغالطة كما في #١٣٩.
  4. مغالطة المواربة: وتحدث حين يقوم الشخص بتغيير معنى كلمة معينة في جداله. على سبيل المثال: ”رسالة يعقوب ١: ٣ تُعلِّم بأنّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ، في حين أن الرسالة إلى العبرانيين ٤: ١٥ تعلم بأن يسوع المسيح (الإله) مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ“ أليس هذا تناقضاً؟. لكن كلمة ”جُرِّبَ“ قد حملت معنيَين مُختلفَين في الآيتين فهي قد تعني ”اختُبِرَ“ (وهو المعنى المستخدم في الرسالة إلى العبرانيين ) أو قد تعني ”أُغويَ“ (وهو المعنى المستخدم في رسالة يعقوب). وهو ليس بتعارض أن يتم التأكيد بأن يسوع كان تحت الإخبار إلا أنَّه لم يُغوى. وهذا الخطأ يقع به الناقدون كما في #٤٠٦.
  5. مغالطة النطاق الدلالي لمعنى الكلمة: تحدث هذه المعالجة حين يقوم القارئ بتحديد كل النطاق الدلالي للكلمة (أي جميع المعاني التي قد تحملها الكلمة) ثم بعد ذلك يقوم باختيار المعنى الذي يتناسب مع التفسير الذي يتبنّاه، عوضاً عن السماح لسياق النص أن يقوم بتحديد معناها، فسياق النص هو ما يقوم بتحديد المعنى وليس تفضيلات القارئ.
  6. مغالطة المفارقة التاريخيّة للمعنى: وتحدث حين يقول الشخص باستدعاء معنى حديث للكلمة واستخدامه في قراءة النص في حين أنّ الكلمة لم تحمل ذلك المعنى في الوقت الذي كتبت به. فمثلاً قد يلجأ أحد الأشخاص إلى الإدّعاء بأنَّ الكتاب المقدس يدَّعي بوجود كائنات حية خارج الأرض، بسبب وجود العديد من التشريعات الكتابية التي تتضمن تعليمات تتعلق بال ”الغرباء“ (كما في سفر العدد ٩: ١٤، ١٥: ١٥). لكن المعنى المُراد من الكلمة هو غير الوطنيّين أي غير المقيمين في اسرائيل أو الأصلييّن، في حين أن تحوير المعنى ليشمل الغرباء بمعنى الكائنات الفضائية هو مغالطة تحوير للمعنى.
  7. مغالطة التعميم واسع النطاق وغير الدقيق: وهي فشل في ملاحظة كون بعض المبادئ التي وضعت بصفة عامة تمتلك بعض الاستثناءات. فسفر الأمثال هو خير مثال عن هذا التعميم - ان الأشياء المذكورة فيه هي صحيحة في معظم الظروف، ولكن يوجد بعض الإستثناءات. وهنا تنتج مغالطة التعميم غير الدقيق حين يتم الإفتراض بكون الاستثناءات هي تناقضات. إنَّه ليس بتعارض حين يتم تقديم تصريح بأنَّه ”في معظم الأحيان أ لكن أحياناً ليس أ.“  على سبيل المثال، إن الطلاق بشكل عام هو غير مقبول وبدقة أكبر هو غير مقبول إلا في حالة الخيانة. وبالتالي فإن ذلك ليس بتناقض بأن يتم التصريح بأن الطلاق هو مقبول (بمعنى أنَّه ليس خطيئةً) في حالة الزنى. بالرغم من ذلك نجد بعض الناقدين يلجأون إلى استخدام مثل هذه الأخطاء كما في #١٩٧.
  8. الفشل في اجراء تحليل للنقل النصي: textual transmission analysis وهو نوع من الأخطاء الذي يرتكبه الناقدين في بعض الأحيان. إن الفشل في اجراء تحليل للنقل النصي هو ما يعرف (بالنقد النصي) وهو علم تمييز النص الأصلي للنص المُقدَّس حيث أنه يوجد يوجد بعض الإختلافات الصغيرة. إن المسيحيين يدَّعون بأن النص الأصلي للكتاب المقدس معصوم عن الخطأ كون الكُتَّاب كانوا مُساقين بالروح القُدُس وبالتالي لا يوجد فيه أية أخطاء أو تعارضات. نحن نعرف بأن عملية نسخ نص الكتاب المقدس عبر العصور ليست مثالية بشكل مطلق، ويوجد بعض الأخطاء النسخية التي تتسبب بوجود اختلافات طفيفة في بعض المخطوطات القديمة. ان هذه الإختلافات هي صغيرة جداً لكنها موجودة. في بعض الأحيان يلجأ الناقدون إلى الإشارة إلى هذه الأخطاء النسخية في المخطوطات المختلفة ويدَّعون بأن هذا يتناقض مع  نص آخر حيث لم يتم ارتكاب خطأ مشابه في النسخ. ولكن هذا لا يعتبر تناقض حقيقي في النص الأصلي للكتاب المُقدَّس. وحتى يتم قبول هذا الادعاء على أنَّه تناقض حقيقي يتوجب على الناقد أن يُظهِر أن هنالك دليل حقيقي على أن هذا ليس مجرد خطأ في نسخ نص المخطوطة الأصلية وبأنَّه يتعارض مع النص الأصلي. إن نقاد الكتاب المقدس غالباً ما يرتكبون هذا الخطأ كما هو الحال #٢٩ و #٧٤، وهذا النوع من الأخطاء في النسخ ليس أمراً شائعاً كما يتم الترويج له.
  9. مغالطة الفشل في تحديد طبيعة النصّ: وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزامير عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من الالناقدين يسقطون في أخطاء مماثلة كما سنلاحظ في #٢٤ و #٤٢٠. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.
  10. المنطق المُخادِع: وهو يحدث حين يقوم الناقد بقفزات غير منطقية وغير مترابطة في الاستنتاجات التي يقدمها. فلنفترض أن الناقد قام بالإدّعاء بأنَّ التصريح بكون ”أجَاج قد أُعدِمَ “يتناقض مع الإدّعاء بأنَّ ”أجَاجَ لديه ذُرّية أي نَسل.“ هذا سيكون مثالاً عن المنطق المُخادِع، وذلك لعدم وجود أي مُبرّر منطقي لرفض كون أجاج قد وَلَدَ بنين ثم بعد ذلك وفي وقتٍ لاحقٍ قد أُعدِمَ. فذرّيتَهُ لن تتلاشى لمجرَّد أنَّه قد مات. وبالرغم من سخف هذا النوع من الاعتراضات إلا أننا نجده في اللوائح كما في #٥٩.

إن هذه المغالطات تشمل أغلب المغالطات التي تُرتكب من قبل الناقدين في لوائحهم المنشورة عبر مواقع الشبكة العنكبوتية. ويوجد عدد أكبر من المغالطات سيتم تقديمه في بحوث لاحقة.