الإعتراض ١١٥، متى وصلت النسوة (أو المرأة) إلى القبر لتشهدنَ القيامة؟

Cover Image for: objection115

يوحنا ٢٠: ١ تقول بأن ذلك قد حصل قبل شروق الشمس، في حين أن متى ٢٨: ١ومرقس ١٦: ١-٢ تقول بأنهن وصلن باكراً وقت شروق الشمس.

يوحنا ٢٠: ١ ”وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلاَمُ بَاق. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا عَنِ الْقَبْرِ.“

متى ٢٨: ١ ”وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ.“

مرقس ١٦: ١-٢ ”وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ.“

لوقا ٢٤: ١ ”ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ.“

لوقا ٢٤: ١٠ ”وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ، اللَّوَاتِي قُلْنَ هذَا لِلرُّسُلِ.“

مرقس ١٦: ٣ ”وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ:«مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟»“

لقد فشل المعترض في القيام بقراءة دقيقة للنصوص. فإن أي سرد طبيعي للأحداث يقوم بذكر بعض الأمور وإغفال ذكر بعضها الآخر. وإنه ردّ فعل بشري طبيعي أن نحاول أن نقوم بملء تلك الفراغات وتقديم التفاصيل التي لم يتم ذكرها بالإعتماد على المخيلة، كما يحدث بسهولة مع السرديات المتعدّدة للنسوة اللاتي وجدن قبر  يسوع المسيح فارغاً. إن التفاصيل التي نقوم بإضافتها وتخيّلها في هذه السرديات المتعدّدة هي ما قد يتسبّب بظهور طابع من تناقضات - إنما السرديات الأصلية ليست كذلك. تجدر الملاحظة إلى أنَه لا يوجد تناقض حقيقي من أي نوعٍ كان بين البشائرالثلاثة: متى لوقا ومرقس فيما يتعلق بالموضوع الذي نتناوله وهو موضوع النسوة وظهور المسيح لهنَّ بعد السبت، باكراً في بداية صباح يوم القيامة أي الأحد (متى ٢٨: ١؛ مرقس ١٦: ١؛ لوقا ٢٤: ١ ويوحنا ٢٠: ١).

من المفترض أن شكوك المعترض تتعلق فيما إذا كانت النسوة قد وصلن إلى اقبر قبل أم بعد شروق الشمس؛ لكن القراءة الدقيقة للنصوص لاتظهر وجود أي إشكالية. فلا يوجد أي شك بأنَّ النسوة قد ابتدأن رحلتهن إلى القبر في الوقت الذي كانت فيه السماؤ لا تزال داكنة بشكل جزئيّ،  أي مع بداية الفجر (متى ٢٨: ١ ولوقا ٢٤: ١). المفارقة أو المعضلة تتعلق في الوقت الذي وصلوا به. فيوحنا ٢٠: ١ تقترح بأنَّ الوصول كان قبل شروق الشمس، والمساء تكون داكنة نوعاً ما، في حين أن مرقس ١٦” ٢ تشير إلى أن الشمس كانت قد أشرقت. متى ولوقا لا يقدّمان توقيت الوصول الدقيق بحيث يأخذ بالإعتبار شروق الشمس. لكن لاحظ أن مرقس يشير إلى أنهنَّ - أي مريم المجدلية ومريم أم يعقوب (وربما يكون معهن أُخريات: انظر لوقا ٢٤: ١٠)- قد وصلن إلى القبر بعد ضروق الشمس. في حين أن يوحنا ٢٠: ١ تصرح بأنَّ مريم المجدلية وحدها ”جَاءَتْ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلاَمُ بَاق.“ إن النسوة كنَّ قد تناقشن فيمن سيزيح الحجر الموضوع على باب القبر (مرقس ١٦: ٣) ولربما هذا الأمر قد أثار حفيظة مريم المجدلية لتذهب مسرعةً إلى القبر قبل الأُخريات لتحاول الحصول على المساعدة  لإزاحة الحجر، وهذا سيكون سبب وصولها مبكراً. ليس من تناقض بين أن تكون احدة من النسوة قد وصلت قبل شروق الشمس، في حين أن بقية المجموعة قد وصلت بعد شروق الشمس.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.