الإعتراض ٢٠٣، متى ستكون نهاية العالم؟

Cover Image for: objection203

يقول المعترض بأنَّ متى ١٠: ٢٣ تتناقض مع متى ٢٤: ١٤.

متى ١٠: ٢٣ ”وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.“

متى ٢٤: ١٤ ”وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.“.

لقد فشل المعترض في القيام بقراءة أمينة للنص. إن متى ١٠: ٢٣ لا تتعامل مع موضوع نهاية العالم. وبالتالي فإنه من غير الممكن أن تكون متناقضة مع أي آية أُخرى في موضوع ليس مطروحاً فيها. إن هذه الآية تتحدث عن مجيء ”ابن الإنسان“ وهذا المصطلح لا يتعلق فقط بالمجيء الثاني أو اليوم الأخير، إنما يتحدث عن قدوم المسيح القريب كما هو الحال في الكثير من المرات التي أتى فيها الرب الإله للدينونة (نذكر اشعياء ١٩: ١؛ ميخا ١: ٣). أي أنَّ هذه اللغة الكتابية تشر إلى تطبيق أو إعلان دينونة، وليس عن اليوم الأخير وخاصّة أن المسيح قد قال أنها سوف تقع قبل أن يُكمِّل التلاميذ مُدُنَ اسرائيل.

متى ٢٤: ١٤ لا تتناقض مع ما سبق وذلك لأنها تتناول موضوع نهاية الأيام حين يتم إعلان البشارة في العالم وهنا نجد استخدام الكلمة اليونانية (οἰκουμένη التي تُقرأ [يُوكومينيه]) التي تشير إلى المسكونة أو العالم المتحضر، وقد قال المسيح أن النهاية سوف تتبع ذلك. إن السياق النصي هو ما سيحدّد هذه النهاية ما إذا كانت هي نهاية العالم أو نهاية أمرٍ آخر، وفي كلا الحالتين فإن هذا التعليم لا يشكل تناقضاً مع متى ١٠: ٢٣ والتي لا تقول أي شيء عن نهاية العالم.

على الرغم من كون نهاية العالم والضيقة العظيمة الأخيرة هي مواضيع جدلية ويوجد العديد من الرؤى التي يتمسك بها المسيحيّون المؤمنون، إلا أنَّ وجود هذه الرؤى لا يقدّم مُبرّراً للإدعاء بوجود تناقض بين الآيات الكتابية.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.