الإعتراض ٢٥١، هل كان بولس قد عاين يسوع على طريق دمشق؟

Cover Image for: objection251

يعتقد الناقد أنه يوجد تناقض بين كورنثوس الأولى ٩: ١ وبين أعمال الرسل ٩: ٨ وكورنثوس الأولى ١٥: ٨.

أَلَسْتُ أَنَا رَسُولاً؟ أَلَسْتُ أَنَا حُرًّا؟ أَمَا رَأَيْتُ يَسُوعَ الْمَسِيحَ رَبَّنَا؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ عَمَلِي فِي الرَّبِّ؟ كورنثوس الأولى ٩: ١

فَنَهَضَ شَاوُلُ عَنِ الأَرْضِ، وَكَانَ وَهُوَ مَفْتُوحُ الْعَيْنَيْنِ لاَ يُبْصِرُ أَحَدًا. فَاقْتَادُوهُ بِيَدِهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى دِمَشْقَ. أعمال الرسل ٩: ٨

وَآخِرَ الْكُلِّ ­ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ­ ظَهَرَ لِي أَنَا. كورنثوس الأولى ١٥: ٨

إن هذا الإدعاء لا يمتلك أي أساس منطقي، عدا عن ذلك فإنَّه يظهر أن الناقد لم يقم بقراءة النصوص بدقة وأمانة. لا يوجد أي تصريح في الآيات السابقة التي قام الناقد بتقديمها يُعلن بشكل بشكل صريح ما إذا كان بولس قد رأى يسوع على الطريق إلى دمشق!

إنَّ كُلّاً من كورنثوس الأولى ٩: ١ و ١٥: ٨ تُقدِّمان تعليماً بأنَّ بولس كان قد عاين يسوع، إلا أنه لا يوجد أي تصريح يفيد بأنَّ تلك المعاينة كانت قد حدثت على طريق دمشق أو في وقت آخر. وكذلك هو الأمر فيما يتعلق بأعمال الرسل ٩: ١-٨ (وكذلك أعمال الرسل ٢٢: ٦-١١؛ ٢٦: ١٣-١٨) حيث لا يتم التصريح بأنَّ بولس قد رأى يسوع - حيث أنَّ هذه الآيات تقول أنَّ بولس قد سَمِعَ يسوع ورأى النور. إن قمنا بالنظر إلى مجموع التصريحات التي يتم تقديمها في هذه الآيات يُمكننا أن نتساءل عن الكيفية التي يُمكن فيها أن تكون متناقضة بعضها مع بعض في توصيف موضوع لم يتمّ تقديم تصريحات بخصوصه.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.