الإعتراض ٢٥٣، هل الرب الله هو إله مُحارب أم أنَّه إلهٌ مُسالِمٌ؟

Cover Image for: objection253

يعتقد الناقد بأنَّ الكتاب المقدس يُعلم بأنَّ الله هو إله مُحاربٌ وذلك في كلٍّ من الخروج ١٥: ٣ والمزمور ١٨: ٣٤؛ ١٤٤: ١، في حين أنَّه يتم تقديم مُخالف يقول بأنَّه إله مسالم في كلٍّ من رسالة رومية ١٥: ٣٣؛ كورنثوس الأولى ١٤: ٣٣؛ تسالونيكي الثانية ٣: ١٦ والرسالة إلى العبرانيين ١٣: ٢٠.

الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ. الرَّبُّ اسْمُهُ. الخروج ١٥: ٣

الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ الْقِتَالَ، فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ. المزمور ١٨: ٣٤

مُبَارَكٌ الرَّبُّ صَخْرَتِي، الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ الْقِتَالَ وَأَصَابِعِي الْحَرْبَ. المزمور ١٤٤: ١

إِلهُ السَّلاَمِ مَعَكُمْ أَجْمَعِينَ. آمِينَ. رومية ١٥: ٣٣

لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ، كَمَا فِي جَمِيعِ كَنَائِسِ الْقِدِّيسِينَ. كورنثوس الأولى ١٤: ٣٣

وَرَبُّ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُعْطِيكُمُ السَّلاَمَ دَائِمًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. الرَّبُّ مَعَ جَمِيعِكُمْ. تسالونيكي الثانية ٣: ١٦

وَإِلهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ، بِدَمِ الْعَهْدِ الأَبَدِيِّ، العبرانيين ١٣: ٢٠

إن هذا الإعتراض مبني على مغالطة التشعب (التقليص الخاطئ) بالإضافة إلى فشل الناقد في التمييز بين الأزمنة المختلفة للأحداث. إن الرب الإله بسلطانه المطلق كان قد أعطى السلام في الأزمنة المناسبة للسلام - وحقيقة الأمر هي أنَّ السلام يتحقق فقط عندما يقوم جميع الأشخاص بطاعة الله ووصاياه. وفي المقابل، كان الله قد جلب الحروب والكوارث في الأزمنة الأُخرى، وبشكل خاص ضد أولئك الذين كانوا يتمردون عليه. هذا الأمر يظهر بشكل واضح من خلال التصريحات التي ترد آيات مختلفة مثل إشعياء ٤٥: ٧؛ الجامعة ٧: ١٤؛ وإرميا ١٨: ٧-٩.

مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ، صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هذِهِ. إشعياء ٤٥: ٧

فِي يَوْمِ الْخَيْرِ كُنْ بِخَيْرٍ، وَفِي يَوْمِ الشَّرِّ اعْتَبِرْ. إِنَّ اللهَ جَعَلَ هذَا مَعَ ذَاكَ، لِكَيْلاَ يَجِدَ الإِنْسَانُ شَيْئًا بَعْدَهُ. الجامعة ٧: ١٤

٧ تَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْقَلْعِ وَالْهَدْمِ وَالإِهْلاَكِ، ٨ فَتَرْجعُ تِلْكَ الأُمَّةُ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَلَيْهَا عَنْ شَرِّهَا، فَأَنْدَمُ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي قَصَدْتُ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهَا. ٩ وَتَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، إرميا ١٨: ٧-٩

لابد من الإشارة إلى أنَّ الرب الإله لم يكن قد أعطى الحرب والسلام في وقت واحد ووفق ذات المعنى، وهو الأمر الذي سيكون مطلوباً لكي يتمَّ إثبات وجود تناقض بين الآيات. لذلك فإنَّه لا يوجد أيّ خطأ أو تناقض في أن يُوصَف الرب الإله بأنه إله مُحاربٌ (الخروج ١٥: ٣) وبأنَّه يُعلِّم يديّ الصِدِّيق القتال وذلك لكي يزيل الأشرار أو يُعاقبهم (المزمور ١٨: ٣٤، ١٤٤: ١). وحين يحيا الشعب في طاعة لتعليماته ووصاياه فإنَّه يُسَرُّ بأن يمنحهم أوقات يعمّها السلام (رومية ١٥: ٣٣؛ كورنثوس الأولى ١٤: ٣٣؛ تسالونيكي الثانية ٣: ١٦؛ والعبرانيين ١٣: ٢٠). إنَّ أيَّ ملك صالح سوف يفعل ذلك، والله بوصفه ملك الملوك فإنَّه يمتلك كامل السلطان بأن يفرض الحرب أو السلم في الأوقات المناسبة، دون أن ينطوي ذلك الأمر على أيِّ تناقض في صفاته، فهو إله السلام في أوقات السلام، وهو إله مُحارب وخاصّةً حين يأتي بدينونته على الأشرار والعُصاة.


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

القراءة غير الدقيقة للنصوص هو خطأ شائع يحدث حين يقوم الناقد بقراءة النصوص بطريقة سطحية ودون بذل أي مجهود لمحاولة فهم النصوص ضمن سياقها النصّي والتاريخي والأدبي. وهي فشل في قراءة النصّ بطريقة تتوافق مع الأسلوب الأدبي الذي كُتب به. فالكتاب المقدس يحتوي على عدة أساليب مختلفة في الكتابة مثل: التاريخ (التكوين، الخروج، الملوك)، الشعر (المزامير، نشيد الأنشاد، الأمثال)، النبوءات (حزقيال، رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الأمثال (أمثال المسيح في الأناجيل). ولا يمكن أن يتم تفسيرها جميعاً بأسلوب واحد. فالشعر بالعادة يحتوي على الصور الأدبية والتعبيرات المجازية، في حين أن السرد التأريخي يقرأ بطريقة حرفية. ومن عدم الأمانة للنص أن يتم تفسير النص المكتوب بطريقة شعرية على أنه سرد تأريخي أو تفسير السرد التأريخي على أنه شِعر. فعلى سبيل المثال، حين يتسائل كاتب المزمور عن سبب عم إجابة الله للصلاة؟ لماذا ينام الرّب؟، لا يجب أن يتم أخذ معنى ”النوم“ في هذه الحالة على أنّه نوم حرفي وإلا يعتبر هذا تفسيراً غير واعياً للنص ويفتقر للأمانة. ولكننا نجد البعض من الناقدين يستعملون هذا النوع من الأخطاء كما في #٤٠٠. سوف نجد العديد من الأخطاء التي تُرتَكَب من قِبَل الناقدين والتي يمكن وصفها بكل بساطة على أنَّها ”فشل في قراءة النص بتأنٍّ وانتباه.“ حيث أنَّه وعلى ما يبدو أن الناقد قد قرأ النص بشكل معزول وخارج سياقه، الأمر الذي قاده إلى الخروج بتفسير لا يمكن للقارئ الحذر أن يخرج به. فإنه سيكون من السُّخف القول بأنَّ ”الكتاب المُقدَّس يقول بأنَّه ليس إله من المزمور ١٤: ١“ ذلك أنَّ سياق الآية يقول بأنَّ ” قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلَهٌ».“ بالرغم من وضوح الأمر إلا أننا نجد عدداً من النُّقاد يسقطون في أخطا. إن بعض الأخطاء التي يرتكبها الناقدين لا يمكن أن يتمّ وصفها إلا بأنَّها ”خداع.“، وهي تلك الحالات التي لا يوجد أي نوع من التناقض الظاهري بين الآيات. وإنَّ أي شخص عقلاني سيلاحظ ذلك حتى من القراءة الأولى للنص، بالرغم من ذلك نجد أنّ هذا النوع من التناقضات المفترضة مُدرَج على لوائح تناقضات الكتاب المُقدَّس، التي يمكننا أن نقول عنها بأنها لوائح مُخادعة قام بوضعها النقّاد آملين في أنَّها سُتبهر من يطَّلع عليها فلا يقوم بمراجعتها. وللأسف هذا ما يحدث في كثير من الحالات.

وتعرف باسم مغالطة التقليص الخاطئ أو مغالطة إمّا أو. وتحدث هذه المغالطة حين يطالب الشخص بأن تكون الإجابة هي واحدة من بين إجابتين أو أكثر كان قد أعدها بشكل مسبق في حين أنَّ الحقيقة تكون في إجابة ثالثة لم يقم بتقديمها. كما في حالة ”إنَّ الإشارة الضوئية للمرور إما أن تكون حمراء أو خضراء“ فهي مغالطة تشعّب حيث أنّ الإشارة الضوئية قد تكون صفراء. ”إما أن يتبرر الإنسان بالأعمال أو بالإيمان“ وهذه مغالطة تشعّب أيضاً فالإنسان قد يتبرر بالإيمان أمام الله في حين أنَّه يتبرر بالأعمال أمام الناس.اقرأ المزيد عن مغالطة التشعّب