الإعتراض ٢٧٩، كيف قام يسوع بشفاء الرجل الأعمى؟

Cover Image for: objection279

يعتقد الناقد بوجود تناقض بين مرقس ٨: ٢٢-٢٥ وبين يوحنا ٩: ١-٦.

وَجَاءُوا إِلَى بَلْدَةِ بَيْتِ صَيْدَا، فَأَحْضَرَ بَعْضُهُمْ إِلَيْهِ أَعْمَى وَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. فَأَمْسَكَ بِيَدِ الأَعْمَى وَاقْتَادَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ، وَبَعْدَمَا تَفَلَ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ: «هَلْ تَرَى شَيْئاً؟» فَتَطَلَّعَ، وَقَالَ: «أَرَى أُنَاساً، كَأَنَّهُمْ أَشْجَارٌ، يَمْشُونَ». فَوَضَعَ يَدَيْهِ ثَانِيَةً عَلَى عَيْنَيْهِ، فَتَطَلَّعَ بِانْتِبَاهٍ، وَعَادَ صَحِيحاً يَرَى كُلَّ شَيْءٍ وَاضِحاً. مرقس ٨: ٢٢-٢٥

وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ مَارّاً، رَأَى رَجُلاً أَعْمَى مُنْذُ وِلادَتِهِ، فَسَأَلَهُ تَلامِيذُهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هَذَا أَمْ وَالِدَاهُ، حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟» فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «لا هُوَ أَخْطَأَ وَلا وَالِدَاهُ، وَلكِنْ حَتَّى تَظْهَرَ فِيهِ أَعْمَالُ اللهِ. فَعَلَيَّ أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَادَامَ الْوَقْتُ نَهَاراً. فَسَيَأْتِي اللَّيْلُ، وَلا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ. وَمَادُمْتُ فِي الْعَالَمِ، فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ». قَالَ هَذَا، وَتَفَلَ فِي التُّرَابِ، وَجَبَلَ مِنَ التُّفْلِ طِيناً، ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيِ الأَعْمَى، يوحنا ٩: ١-٦

ارتكب الناقد في اعتراضه هذا مغالطة منطقية تُعرف بإسم مغالطة التشعب، فالسؤال الذي يجب علينا أن نقوم بطرحه أولاً هو التالي: عن أيِّ رجلُ أعمى نتحدث هُنا؟

لقد قام يسوع بشفاء العديد من العُمي، ولم يقم بإجراء مُعجزات الشفاء وفق طريقة واحدة، وهذا ما يظهر من قراءة متى ١١: ٥.

الْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يُقَامُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. متى ١١: ٥

إن الأمر الواضح من خلال قراءة النصوص هو أن الرجل الأعمى المذكور في مرقس ٨: ٢٢-٢٥ مُختلف عن الرجل الأعمى الذي ذكره يوحنا في ٩: ١-٦، وذلك لأن الشفاء قد تمَّ بطريقتين مُختلفتين، ناهيك عن كون السياق النصي للأحداث يصف موقعين جُغرافيين مُختلفين، فالأحداث المُدونة في مرقس ٨: ٢٢-٢٥ قد جرت أحداثها في مدينة بيت صيدا بعد أن أطعم الأربعة الآلاف من الأرغفة السبعة بالقرب من بحيرة الجليل (مرقس ٨: ١-٩)، حيث سافر مرورا بمدينة دلمانوثة (مرقس ٨: ١٠.

فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، إِذِ احْتَشَدَ أَيْضاً جَمْعٌ كَبِيرٌ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ، دَعَا يَسُوعُ تَلامِيذَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ لأَنَّهُمْ مَازَالُوا مَعِي مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَإِنْ صَرَفْتُهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ صَائِمِينَ، تَخُورُ قُوَاهُمْ فِي الطَّرِيقِ، لأَنَّ بَعْضاً مِنْهُمْ جَاءُوا مِنْ أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ». فَقَالَ لَهُ التَّلامِيذُ: «مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هؤُلاءِ خُبْزاً هُنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ الْمُقْفِرِ؟» فَسَأَلَهُمْ: «كَمْ رَغِيفاً عِنْدَكُمْ؟» أَجَابُوا: «سَبْعَةٌ!» فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَجْلِسُوا عَلَى الأَرْضِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ السَّبْعَةَ، وَشَكَرَ، وَأَعْطَى تَلامِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ، فَفَعَلُوا وَكَانَ مَعَهُمْ أَيْضاً بَعْضُ سَمَكَاتٍ صِغَارٍ، فَبَارَكَهَا وَأَمَرَ بِتَقْدِيمِهَا أَيْضاً إِلَى الْجَمْعِ. فَأَكَلَ الْجَمِيعُ حَتَّى شَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعَ التَّلامِيذُ سَبْعَةَ سِلالٍ مَلأُوهَا بِمَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ. وَكَانَ الآكِلُونَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلافٍ. ثُمَّ صَرَفَهُمْ، وَفِي الْحَالِ رَكِبَ الْقَارِبَ مَعَ تَلامِيذِهِ، وَجَاءَ إِلَى نَوَاحِي دَلْمَانُوثَةَ. مرقس ٨: ١-١٠

في حين أن الأحداث التي دوَّنها يوحنا كانت قد جرت بعد أن خرج يسوع من الهيكل إثر إعلان يسوع عن لاهوته من خلال وجوده الذي سبق وجود ابراهيم في يوحنا ٨: ٥٦-٥٩، فهو الكلمة الأزليّ الذي كان في البدء وله يحقّ كل إكرام وسجود (يوحنا ١: ١-١٨).

أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ ابْتَهَجَ لِرَجَائِهِ أَنْ يَرَى يَوْمِي، فَرَآهُ وَفَرِحَ» فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْعُمْرِ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ فَكَيْفَ رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟» أَجَابَهُمْ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّنِي كَائِنٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ». فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ، وَلكِنَّهُ أَخْفَى نَفْسَهُ وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ. يوحنا ٨: ٥٦-٥٩

فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ. وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهُ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. بِهِ تَكَوَّنَ كُلُّ شَيْءٍ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَتَكَوَّنْ أَيُّ شَيْءٍ مِمَّا تَكَوَّنَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ. وَالْحَيَاةُ كَانَتِ نُورَ النَّاسِ. وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظَّلامِ، وَالظَّلامُ لَمْ يُدْرِكْ النُّورَ. ظَهَرَ إِنْسَانٌ أَرْسَلَهُ اللهُ، اسْمُهُ يُوحَنَّا، جَاءَ يَشْهَدُ لِلنُّورِ، لِكَيْ يُؤْمِنَ الْجَمِيعُ بِوَاسِطَتِهِ. لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ، بَلْ كَانَ شَاهِداً لِلنُّورِ، فَالنُّورُ الْحَقُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ كَانَ آتِياً إِلَى الْعَالَمِ. كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَبِهِ تَكَوَّنَ الْعَالَمُ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. وَقَدْ جَاءَ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَلَكِنَّ هَؤُلاءِ لَمْ يَقْبَلُوهُ. أَمَّا الَّذِينَ قَبِلُوهُ، أَيِ الَّذِينَ آمَنُوا بِاسْمِهِ، فَقَدْ مَنَحَهُمُ الْحَقَّ فِي أَنْ يَصِيرُوا أَوْلادَ اللهِ، وَهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلا مِنْ رَغْبَةِ جَسَدٍ، وَلا مِنْ رَغْبَةِ بَشَرٍ، بَلْ مِنَ اللهِ. وَالْكَلِمَةُ صَارَ بَشَراً، وَخَيَّمَ بَيْنَنَا، وَنَحْنُ رَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدَ ابْنٍ وَحِيدٍ عِنْدَ الآبِ، وَهُوَ مُمْتَلِىءٌ بِالنِّعْمَةِ وَالْحَقِّ. شَهِدَ لَهُ يُوحَنَّا فَهَتَفَ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: إِنَّ الآتِيَ بَعْدِي مُتَقَدِّمٌ عَلَيَّ، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ أُوْجَدَ». فَمِنِ امْتِلائِهِ أَخَذْنَا جَمِيعُنَا وَنِلْنَا نِعْمَةً عَلَى نِعْمَةٍ، لأَنَّ الشَّرِيعَةَ أُعْطِيَتْ عَلَى يَدِ مُوسَى، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَقَدْ تَوَاجَدَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. مَا مِنْ أَحَدٍ رَأَى اللهَ قَطُّ. وَلَكِنَّ الابْنَ الْوَحِيدَ، الَّذِي فِي حِضْنِ الآبِ، هُوَ الَّذِي خَبَّرَ عَنْهُ. يوحنا ١: ١-١٨


الأخطاء المنطقية المُستخدمة في هذا الإعتراض:

وتعرف باسم مغالطة التقليص الخاطئ أو مغالطة إمّا أو. وتحدث هذه المغالطة حين يطالب الشخص بأن تكون الإجابة هي واحدة من بين إجابتين أو أكثر كان قد أعدها بشكل مسبق في حين أنَّ الحقيقة تكون في إجابة ثالثة لم يقم بتقديمها. كما في حالة ”إنَّ الإشارة الضوئية للمرور إما أن تكون حمراء أو خضراء“ فهي مغالطة تشعّب حيث أنّ الإشارة الضوئية قد تكون صفراء. ”إما أن يتبرر الإنسان بالأعمال أو بالإيمان“ وهذه مغالطة تشعّب أيضاً فالإنسان قد يتبرر بالإيمان أمام الله في حين أنَّه يتبرر بالأعمال أمام الناس.اقرأ المزيد عن مغالطة التشعّب