في العقد الماضي، من كان ليتصور مستوى الجنون الإجتماعي الذي يجتاح العالم حالياً؟ لقد بات المراهقون أنبياءً [مُبشرين] بنهاية العالم نتيجة التغيّر المناخي. كما أن الأعداد تتزايد بشكل مستمر للإدعاءات المتعلقة بالهوية الجنسية التي يُطالب بها الأطفال الصغار. ويتعرض الأفراد والشركات للإضطهاد نتيجةً لعدم امتثالهم لقضايا المثليّين والمتحولين جنسياً (LGBT). وليس من المستغرب أن نجد أن الإكتئاب والقلق المرضي والإضطرابات المزاجية الأُخرى في أعلى مستوياتها على الإطلاق. ربما نعتقد أننا بمأمن خلف جدران كنيستنا وأن ”الجنون“ هو فقط في الخارج. لكننا كمسيحيّين مُطالبين بأن ننخرط في الثقافة وذلك ضمن الإرسالية العُظمى التي أعطانا إياها يسوع. لكن دعونا أولاً نتفهم المشلكة الحقيقيّة.
لاجديد تحت الشمس
بوصفنا مؤمنين بالخلق، فإن واحدة من الآيات المُفضَّلة لدينا هي رومية ١: ٢٠ حيث يتحدث الرسول بولس عن شهادة الخليقة ودلالتها على الله. لكن الكثيرين لم يُدركوا ارتباطها مع الفجور الذي يشير إليه بولس في الآية التي تليها مباشرةً. لقد سجل بولس الرسول ملاحظةً بأن رفض الناس لعبادة الله لن تعطيهم خيار عدم العبادة المطلقة. وعوضاً عن ذلك، فإنهم يتوجهون إلى عبادة ”المخلوق دون الخالق“ (رومية ١: ٢٥). يمكننا أن نلاحظ هذا الأمر في الخطاب العاطفي البلاغي الذي يقدمه دعاة حماية البيئة المعاصرين. حتى أن ديانتهم المؤلِّهة للأرض (عبادة الأرض) تمتلك عقيدةً أُخروية كاملة مُختصَّة بنهاية العالم وانقراض الحياة كما نعرفها.
إن بولس ينتقل [وبشكل مباشر بعد الآيات السابقة] إلى القول بأنَّ عبادة الأصنام تقود إلى جميع أنواع الرجاسات الجنسية (رومية ١: ٢٤-٢٧). حتى ضمن الذاكرة الحيّة المُعاصرة، فإن الجميع يمكن أن يوافقوا على أنه وبغض النظر عن الموقف الذي نتخذه من الأخلاق والجنس، فإن النقاش هو نقاش للبالغين - يجب أن يُترَك الأطفال خارج هذه النقاشات ويُسمَح لهم أن يكونوا أطفالاً فحسب. (لتقديم مثالٍ واحد فقط) يرفض بعض الآباء أن يُلبسوا أبناءهم ملابس زرقاء أو وردية [في إشارة إلى جنس المولود] إلى أن يُقرِّرَ الطفل ”بنفسه“ مايريده ”هو“ [حيال هويته الجنسية]. إن كان التسبب بإرباك الأطفال حيال جنسهم لا يستحق ”حجر الرحى“ (متى ٦: ١٨) فمالذي يستحقه؟
رفض الله سيودي إلى الفوضى
لفترة طويلة كانت الحضارة الغربية قد تمتعت بعوائد الإلتزام الواسع النطاق بالحقيقة الكتابية. حيث أنَّه وبغض النظر عن كون الشخص مسيحياً، فإن الحكومة والقيادات المجتمعية على الأقل قد اعترفت بمثالية الأخلاق التوراتية والفطرة السليمة السائدة، وذلك لوجود ميثاق للحدود الأخلاقية. أما الآن، فإن مجموعة صغيرة -إلا أنها صاخبة وذات صوت مرتفع- من العلمانيّين قد وجدت طريقاً في وسائل الإعلام والترفيه والأوساط الأكاديمية لأجندتها إلى جمهور مغسول الدماغ. وباتت الأسر العادية التي لا تسمح لأطفالها باختيار جنسهم تُصنَّف على أنها أُسر غير مُحبة ومتعصّبة. إن الأمر الواضح هو أن مثل هذه السخرية تضع المسيحيّين نصب أعينها وخاصّةً أنها تصلنا إلى عتبات كنائسنا.
لكننا لا نستطيع أن نرفض الحقيقة الإلهية وفي الوقت عينه نُحافظُ على العوائد التي تُرافقها. ولا يمكننا أن نرفض اللاهوت ونُبقِي على عِلم الإنسان. فإن لم يَخلقنا الله فلا يمُكن أن نكون مخلوقين على صورته. وإن لم نُخلق ذكراً وأُنثى على صورته فما هي البشرية بحد ذاتها؟ إن الأمر الذي كان يقوله الرسول بولس حقاً هو أنك إن رفضت الخالق، فإن النتيجة ستشتمل على ارتباك يصيب جميع المستويات الأُخرى. إننا نحيا في زمنٍ يتَّسِم بالإنحلال الخطر. فإلى متى سيتقبَّل الله هذا الأمر؟
المعلومات عن الخلق تُغيّر الحيوات
إن الوقوع في براثن الاكتئاب والحزن الناجم عن الفساد الذي يتمّ فرضه على المجتمع إنما هو أمر سهل. لكن يجب أن نتشجع لأن كلمة الله ستبقى صحيحة. يحب أن نتذكر أنَّه ”ليس تحت الشمس جديد“ (الجامعة ١: ٩). لقد أنبأ بولس بهذا الأمر، وهو ليس بمفاجأة لله. وبجميع الأحوال فإنَّ الغلبة في النهاية ستكون للحقيقة [الإلهية].
في الوقت الذي يستطيع المرء أن يعمل على معالجة القضايا المشابهة لأجندة المثليين والمتحولين جنسياً (LGBT) مواجهةً، [يجب أن يدرك أنها ليست] إلا الأعراض الجانبية للمشكلة الرئيسية - وهي رفض الخالق. نحن نعلم أن التساؤلات حول [قضية] الخلق في مواجهة التطور تشكل حجر عثرة كبيراً أمام الإيمان في يومنا الراهن. إلا أننا إن استطعنا أن نُظهِرَ أدلة تُثبت أن التطور هي نظرية متصدّعة ومَعيبةٌ وفي الوقت عينه نقوم بتقديم معلومات تدعم التاريخ المُسجَّل في الكتاب المقدس، فإننا سنعاين تغيّرات. كتب [لنا] جيمس. هـ:
”إن التبشير بالخلق قد حولني إلى المسيحية. لقد اعتدت أن أكون… متعصباً حقيقيّا للتطور. لقد فهمت افتراضكم وأوافقكم على استنتاجاتكم ١٠٠٪ . إن هذه الأشياء ستتسبب بتغيير العقول والقلوب. شكراً جزيلاً.“
إن كلمة الله تقدم لنا علم الإنسان الذي يحترم الكرامة الإنسانية، بما في ذلك كرامة الأشخاص الذين يناضلون من أجل هويّتهم. والأهم من ذلك هو أنَّه يُقدِّم لنا الإنجيل، وهو الطريقة الوحيدة التي يكون من خلالها خلاص الناس ممكناً. من خلال تغيير الحيوات واحدةً تلو الأُخرى فإننا سوف نُؤثر في المجتمع لنستعيدة إلى الحقيقة الكتابية.
لا تُصَب بالإحباط، فالكتاب المقدس صحيح!
لأكثر من أربعين عاماً كانت إرسالية الخلق العالمية (CMI) تعمل على إنتاج معلومات تُقوي المؤمنين من خلال الدفاع عن الكتاب المقدس من أول آياته. إن هذا الأمر وبشكل حتمي سيجعل الناس أكثر ثقةً في مشاركة إيمانهم مع الآخرين. نحن نقوم بتقديم مجموعة كبيرة من المقالات والمنشورات ومقاطع الفيديو المجانية على موقع creation.com وذلك لأننا نريد أن نساعد بتجهيز الناس بالإجابات على الأسئلة الأكثر شيوعاً فيما يتعلق [بقضية] الخلق والتطور.