غالباً ما يَطرح المُشكّكون هذا التَّحدي، مُعتّقدين أنَّه ليس من ردّ عليه، لكن الردّ موجودٌ، وهو ردٌّ بسيط.
يحمل هذا السؤال شِقَّين هما عدد الحيوانات، وحجم الفُلك.
ليس هنالك من حاجة لتواجد كلّ نوع من الكائنات الحيّة على متن الفُلك. فقط الحيوانات التي تتنفس [تستنشق] الهواء (”كلُّ جسدٍ فيه روح حياة“(سفر التكوين ٧: ١٥)) والتي تسكن اليابسة (”فمات كلُّ ذي جسدٍ كان يدبُّ على الأرض“ (سفر التكوين ٧: ٢١)).
فالأسماك لم تُدخَل إلى الفلك؛ اذ أنها ليست مما يستنشق الهواء. الحيتان والدلافين أيضاً لم تدخل الفُلك، فهي لا تستنشق الهواء، وليست من سكّان اليابسة. ان الأسماك والحيتان تستطيع النجاة تحت الماء، وعلى الرغم من ذلك فإن البعض منها مات أثناء الطوفانات عندما أحدثت الرواسب وسواها من الأنقاض [الطَمي] تلوّث في المياه. ونجد الكثير من المستحاثات لكائنات بحرية قد دُفِنَت أثناء الطوفان.
الحشرات بالغالب لم يتم جمعها وإسكانها على متن الفُلك. فهي لا تمتلك فتحات لتتنفس الهواء (سفر التكوين ٧: ٢٢)، وهي بامكانها النجاة من خلال البقاء على الحطام الطافي على وجه المياه كحصائر النباتات مثلاً. ولا شكّ أن العديد من الحشرات قد وَثب على متنها بأية حال.
بالتالي هذا يُخفض عدد الأنواع. لكن كم كان عدد الحيوانات؟
خُذْ الكلاب على سبيل المثال ـ هل قام نوح بأخذ اثنين من كلاب الراعي الألماني، واثنين من كلاب الصيد، واثنين من كلاب الكولّي الضخمة، و اثنين من كلاب السِتِّر الأيرلندية الحمراء، الخ.؟ كلا، هو بحاجة زوج واحد من الكلاب، يكون من الأنواع الأصيلة الشبيهة بالذئب، حيث يحمل الكثير من التنوع الجيني، مثل كلاب النغول في أيامنا. ونحن نعرف بأن الفصائل المختلفة للكلاب قد أُنتِجَت من أحد الكلاب الشبيهة بالذئاب، وهذا استغرق عدَّة آلاف من السنين فقط. هذا ليس بتطوّر، إنما هو مجرد تنوّع داخل النوع الأصلي المَخلُوق.
بالتالي فنحن لدينا الآن أنواع حيوانات أكثر بكثير من التي أدخلها نُوح إلى الفُلك. فخلال الأربعة آلاف وخمسمئة سنة التي مضت منذ الطوفان، حدث تنوّع كبير لتلك الحيوانات. وإن العدد الحقيقي للحيوانات التي أدخلها نُوح إلى الفُلك يعتمد على تعريف الكتاب المقدس ل”النوع“.
جون وودموراب في كتابه (طوفان نُوح: دراسة جدوى، Noah’s Ark: A feasibility study) قام بحساب يفيد بأنَّ عدد الحيوانات قد يكون أقلّ من ١٦٠٠٠، ذلك بافتراض أن النوع بحسب الكتاب المقدس يكافئ ما ندعوه جنس(genus) في يومنا الحاضر. أما في حال كان النوع بحسب الكتاب المقدس يكافئ ما ندعوه في يومنا هذا بالفصيلة (family) [بحسب التصنيف الإحيائي]، عندها سيكون هنالك ٢٠٠٠ حيوان فقط. وربما كان العدد [الحقيقي] في مكان ما بين هاتين النتيجتين.
ومن الممكن بسهولة إيواء الحيوانات في حظائر صغيرة على اعتبار أنّ أغلب الحيوانات صغيرة الحجم، بالمتوسط تكون بحجم الأرنب. حتى أكبر الحيوانات، مثل أكبر الديناصورات، يبدأون حياتهم صِغار الحجم. ولاختيار مخلوقات بغرض التكاثر وإعادة ملئ الأرض، سيكون الخَيَار المنطقيّ أن تؤخَذ الكائنات اليافعة والتي بحالة صِحية جيدة، بدلاً من أن تؤخذ المُعمِّرة والناضجة منها.
ماذا عن حجم الفُلك؟ لقد كان هائلاً. لديه القدرة على استيعاب أكثر من خمسمئة عربة قطار، وهذا كافي لحمل ما يزيد عن ١٢٠,٠٠٠ رأس من الأغنام. بالتالي يوجد مساحة كبيرة على متن الفُلك للحيوانات، وغذائهم، ومياههم، وأيضاً لنوح وعائلته.
مراجع
- وردت عبارة ”كجنسها”عشر مرّأت في سفر التكوين الإصحاح الأول.