الإعتراض ٠٨٢، من الذي اشترى القبر من بني حمور؟
يقول المعترض بأن سفر يشوع ٢٤: ٣٢ تقول بأنه يعقوب، في حين أن أعمال الرسل ٧: ١٦ تقول بأنَّه ابراهيم؟
يشوع ٢٤:٣٢ ”عِظَامُ يُوسُفَ الَّتِي أَصْعَدَهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ دَفَنُوهَا فِي شَكِيمَ، فِي قِطْعَةِ الْحَقْلِ الَّتِي اشْتَرَاهَا يَعْقُوبُ مِنْ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ بِمِئَةِ قَسِيطَةٍ، فَصَارَتْ لِبَنِي يُوسُفَ مُلْكًا.“
أعمال الرسل ٧:١٦ ”وَنُقِلُوا إِلَى شَكِيمَ وَوُضِعُوا فِي الْقَبْرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إِبْرَاهِيمُ بِثَمَنٍ فِضَّةٍ مِنْ بَنِي حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ.“
لقد فشل المعترض في القيام بقراءة دقيقة للنص. فيعقوب كان قد اشترى قطعة الحقل في شكيم من بني حمور، وهي المكان الذي دُفِنَ فيه كما يشير يشوع ٢٤: ٣٢. وابراهيم كان قد اشترى سابقاً قطعة أرض أُخرى من عِفْرُونَ الْحِثِّيِّ وكانت تقع بالقرب من ممرة. وفيها وُجِدَت المغارة التي تمَّ استعمالها لاحقا لدفن ابراهيم وسارة واسحق ورفقة ويعقوب. (التكوين ٤٩: ٢٩-٣١، ٥٠: ١٣-١٤)
إن أسباب الصعوبة تكمن في الآية الواردة في أعمال الرسل ٧: ١٦، حيث أننا نجد أن استفانوس قد نسب شراء الأرض من بني شكيم إلى ابراهيم وليس إلى يعقوب. فهل هذا تناقض فيما بين آيات الكتاب المقدس؟ لا. فالكتاب المُقدَّس لا يصرِّح في أي موقع بأنَّ يعقوب لم يشتري الحقل الذي يقع في شكيم. إنما ينقل بعصمة كاملة أن استفانوس قال أن ابراهيم قد اشتراه في (أعمال الرسل ٦: ٨، ٧: ٢، ١٦).
بعد قول هذا، لا بد من الإشارة إلى أنّه من المُستبعدِ أن يكون استفانوس قد أخطأ - فهو على ما يبدو كان واسع الإطلاع على تاريخ العهد القديم كما أن اليهود الذين كانوا حاضرين لم يعارضوه. والأمر الغالب هو أن الخطاب الذي قاله استفانوس كان تمَّ اختزاله. فإن أخذنا هذا الأمرَ بالحسبان وباشرنا القراءة مبتدئين من الآية ١٥ نجد أن استفانوس يقول بأنَّ يعقوب قد نزل إلى مصر ومات هو والآباء البطاركة وليس يوسُفَ فقط قد نزل إلى مصر. وقد تمَّ دفن الآباء في شكيم بمن فيهم يوسف إلا أنَّ هذا لا يشمل يعقوب. إذ أنَّ يعقوب قد دُفن في مغارة المكفيلة بالقرب من ممرة والتي اشتراها ابراهيم من عفرون الحثي. (التكوين ٤٩: ٢٩-٣١، ٥٠: ١٣-١٤). وبما أنَّ الآية ١٦ تتناول نقل جثامين كل من يعقوب ويوسف الذان دُفِنا في أرضين مختلفتين فإن استفانوس غالباً يقوم في هذه الآية بجمع الموقعين معاً للاختصار. أي أن يعقوب وأبناءه قد ”دُفِنوا في القبر الذي اشتراه ابراهيم [والقبر الذي اشتراه يعقوب] مقابل ثمنٍ فضةٍ من بني حمور أبي شكيم“، كما أنَّه ليس أمراً مستبعداً أن يكون ابراهيم قد قام بشراء الأرض التي في أرض شكيم وذلك كونه قد بنى فيها مذبحاً للرب حيث ظهر له وأعطاه العهد. ومن ثمَّ بعد أن تابع ارتحاله جنوباً (تكوين ١٢: ٦-٩) حتى وصل إلى مصر استولى بني حمور على قطعة الأرض لعدم وجود مالكٍ لها، وقد أعاد يعقوب شراءها مرّةً جديدة حين بنى مذبحاً للرب.
في الخلاصة يمكننا أن نقول التالي: لا يوجد تناقض بين هذه الآيات، فالآيات لا تقدم تصريحين متناقضين من نوع (أ) و (ليس أ) في وقت واحدٍ أي أن الآيات لا تقول أن ابراهيم اشترى الأرض في سفر الأعمال بعد أن تقول أنه لم يشتر الأرض في سفر التكوين!
يوجد عدد من الإحتمالات التي تفسر السرد السابق وهي:
أ - ربما كان إبراهيم قد اشترى أرضًا في شكيم كما اشترى أرضًا أخرى في حبرون. وفي ما بعد استطاع يعقوب أن يعيد شراء قطعة الأرض التي في شكيم.
ج - ربما كان استفانوس قد جمع الأراضي التي اشتراها إبراهيم ويعقوب في أرض واحدة للاختصار. وأياً يكن التفسير الصحيح، تبقى النقطة الرئيسية هي أنَّ الإختلاف في التسجيل ليس بتناقض!