الإعتراض ١٩٣، هل أخطأ داود أم أنَّه كان بارّاً وطاهراً؟
يقول المعترض بأن صموئيل الثاني ٢٢: ٢١، ٢٥ والملوك الأول ٣: ١٤، ٩: ٤، ١٤: ٨ تشير إلى أن داود كان طاهراً، إلا أنَّ الملوك الأول ١٥: ٥ تقول بأنَّه كان طاهراً فيما عدا الأمر الذي قام به ضدَّ أوريّا الحثيّ، وصموئيل الثاني ٢٤: ١٠ تشير إلى أن داود قد تصرف بشكل شرير.
صموئيل الثاني ٢٢: ٢١، ٢٥ ”يُكَافِئُنِي الرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي. حَسَبَ طَهَارَةِ يَدَيَّ يَرُدُّ عَلَيَّ.“ ، ”فَيَرُدُّ الرَّبُّ عَلَيَّ كَبِرِّي، وَكَطَهَارَتِي أَمَامَ عَيْنَيْهِ.“
الملوك الأول ٣: ١٤، ٩: ٤، ١٤: ٨ ”فَإِنْ سَلَكْتَ فِي طَرِيقِي وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَوَصَايَايَ، كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ، فَإِنِّي أُطِيلُ أَيَّامَكَ».“، ”وَأَنْتَ إِنْ سَلَكْتَ أَمَامِي كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبٍ وَاسْتِقَامَةٍ، وَعَمِلْتَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُكَ وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي،“، ”وَشَقَقْتُ الْمَمْلَكَةَ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَأَعْطَيْتُكَ إِيَّاهَا، وَلَمْ تَكُنْ كَعَبْدِي دَاوُدَ الَّذِي حَفِظَ وَصَايَايَ وَالَّذِي سَارَ وَرَائِي بِكُلِّ قَلْبِهِ لِيَفْعَلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فَقَطْ فِي عَيْنَيَّ،“
الملوك الأول ١٥: ٥ ”لأَنَّ دَاوُدَ عَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحِدْ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا أَوْصَاهُ بِهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، إِلاَّ فِي قَضِيَّةِ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ.“
صموئيل الثاني ٢٤: ١٠ ”وَضَرَبَ دَاوُدَ قَلْبُهُ بَعْدَمَا عَدَّ الشَّعْبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّبِّ: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدًّا فِي مَا فَعَلْتُ، وَالآنَ يَا رَبُّ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي انْحَمَقْتُ جِدًّا».“.
إن هذا الإعتراض مبني على مغالطة رجل القش بالإضافة إلى مغالطة المواربة. إن تعليم الكتاب المقدس يقول بأنَّه فيما عدا شخص يسوع المسيح المبارك، فإنَّ جميع الناس خطاة (رومية ٣: ٢٣؛ العبرانين ٤: ١٥؛ يوحنا الأولى ١: ٨). إن الأشخاص الذين يتابعون حياتهم في الخطيئة ليسوا أبراراً ويُحسبون ”نجسين“ بنظر الرب الإله القدّوس. لكن الأشخاص الذين يتوبون عن خطاياهم ويضعون ثقتهم بالرب يسوع المسيح للخلاص، فإنهم يُظهرون من خطاياهم التي تُغفر لهم (يوحنا الأولى ١: ٧، ٩)، ويُحسبون كما لو أنهم لم يخطئوا (رومية ٤: ٣، ٥، ١٠: ١٠؛ تيطس ٣: ٥). فخطايانا قد حُسِبَت للمسيح في حين أن البرَّ الذي للمسيح قد حُسِبَ لنا (كورنثوس الثانية ٥: ٢١؛ فيليبي ٣: ٩). ولذلك فإن الذين تُغفر لهم خطاياهم بالإيمان بالمسيح يسوع يُحسبون أبراراً، وذلك على الرغم من أنهم يتابعون في النضال طوال حياتهم ضدّ الخطيئة (يوحنا الأولى ١: ٨، ٢: ١-٣). وبالتالي فإنَّ ”البرّ“ قد يحمل أكثر من معنى واحد، فهو إما أن يشير إلى أن الإنسان (١) لم يخطئ أبداً. أو أنّ (٢) خطاياه قد غُفِرَت له. كما ويوجد معنى ثالث للبر وهو الذي يشير إلى حياة الطاعة اليومية للمؤمنين التائبين الذين يخضعون لكلمة الله، حتى وإن لم تكن تلك الطاعة مطلقة (أيوب ١: ٨؛ التكوين ٦: ٩؛ الأمثال ١٢: ١٠؛ الجامعة ٧: ١٥).
إذاً، هل نستطيع أن نقول أن داود كان ”بارّاً“؟ إن الإجابة تعتمد على المعنى المراد من الكلمة وفق السياق الذي ترد فيه. فإن كنا نتساءل عما إذا كان داود بارّاً من ناحية أنَّه لم يعرف خطيّةً؟ فالإجابة هي وبكل تأكيد لا (المزمور ٤: ١، ٤، المزمور ٥١: ٣؛ صموئيل الثاني ٢٤: ١٠) لأنه لا يوجد أي شخص فيما عدا يسوع المسيح يمكن أن يقال عنه بارّ وفق هذا المفهوم (رومية ٣: ٢٣؛ يوحنا الأولى ١: ٨). أما إن كنا نتساءل عما إذا كان داود بارّاً بمعنى أنه كان يسعى إلى الله وكانت حياته بصورة عامة وفق الوصايا الإلهية؟ فالإجابة هي نعم، فيما عدا خطاياه التي ارتكبها في قضية أوريا (الملوك الأول ١٥: ٥؛ صموئيل الثاني ٢٢: ٢١، ٢٥؛ الملوك الأول ٣: ١٤؛ ٩: ٤، ١٤: ٨). وأما إن كنا نسأل عما إذا كان داود بارّاً بشكل عامّ من ناحية المغفرة؟ فإن الإجابة هي نعم (صموئيل الثاني ١٢: ١٣؛ المزمور ٥١: ١-٢). وبالتالي فإننا إن قمنا بتجاوز القراءة السطحية التي يقوم بها الناقدين وتوجهنا إلى النصوص وقرأناها بدقة وعناية فإننا سوف نجد أن الأسفار المقدسة متوافقة ومتسقة بشكل كامل.