الإعتراض ٢٤٠، ماذا كانت أوامر الرب بخصوص التعامل مع الموآبيين؟
يقول الناقد بأن سفر التثنية ٢: ٩ تقول بأنه يجب التعامل معهم بسلام، حيث كان من الواجب على الإسرائيليّين عدم محاربتهم. إلا أنَّ سفر القضاة ٣: ٢٨-٣٠ وارمياء ٤٨: ٢ تُعلّم بأن الله قد شجَّع الأسرائيليّين على محاربة شعب موآب.
«فَقَالَ لِي الرَّبُّ: لاَ تُعَادِ مُوآبَ وَلاَ تُثِرْ عَلَيْهِمْ حَرْبًا، لأَنِّي لاَ أُعْطِيكَ مِنْ أَرْضِهِمْ مِيرَاثًا، لأَنِّي لِبَنِي لُوطٍ قَدْ أَعْطَيْتُ «عَارَ» مِيرَاثًا. التثنية ٢: ٩
وَقَالَ لَهُمُ: «اتْبَعُونِي لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَفَعَ أَعْدَاءَكُمُ الْمُوآبِيِّينَ لِيَدِكُمْ». فَنَزَلُوا وَرَاءَهُ وَأَخَذُوا مَخَاوِضَ الأُرْدُنِّ إِلَى مُوآبَ، وَلَمْ يَدَعُوا أَحَدًا يَعْبُرُ. فَضَرَبُوا مِنْ مُوآبَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ نَحْوَ عَشَرَةِ آلاَفِ رَجُل، كُلَّ نَشِيطٍ، وَكُلَّ ذِي بَأْسٍ، وَلَمْ يَنْجُ أَحَدٌ. فَذَلَّ الْمُوآبِيُّونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَحْتَ يَدِ إِسْرَائِيلَ. وَاسْتَرَاحَتِ الأَرْضُ ثَمَانِينَ سَنَةً. القضاة ٣: ٢٨-٣٠
لَيْسَ مَوْجُودًا بَعْدُ فَخْرُ مُوآبَ. فِي حَشْبُونَ فَكَّرُوا عَلَيْهَا شَرًّا. هَلُمَّ فَنَقْرِضُهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةً. وَأَنْتِ أَيْضًا يَا مَدْمِينُ تُصَمِّينَ وَيَذْهَبُ وَرَاءَكِ السَّيْفُ. ارمياء ٤٨: ٢
يظهر في هذا الإعتراض جوانب مختلفة من فشل الناقد في القيام بدراسة موضوعية للآيات التي قام بتقديمها، إذ أنه لم يقم بالتمييز بين الأزمة المختلفة للأحداث، ولم يميّز بين الظروف المختلفة التي أحاطت بالأحداث الموصوفة في الآيات كما أنَّه لم يقم بقراءة الآيات بطريقة أمينة. النقطة الأساسية التي يجب أن نقوم بالتنبّه إليها هي أنَّ الآيات التي تمَّ سردها لا تُعطي تعليمات عن الكيفية التي يجب وفقها التعامل مع الموآبيّين، وبالتالي فإن الأمر الواضح هو أنَّه من غير المُمكن لهذه الآيات أن تتناقض بعضها مع بعض في موضوع لا يتم طرحه ضمنها.
في سفر التثنية ٢: ٩، حظَّر الرب على الإسرائيليّين أن يقوموا بمعاداة الموآبيين بغية افتعال حرب معهم أو أخذ أرضهم منهم؛ والسبب يرجع إلى أن البر لم يُعطي تلك الأرض لإسرائيل.
في سبيل التعامل مع الآيات التي قدّمها المعترض من سفر القضاة يجب علينا أن نقوم بقراءة بعض الآيات الإضافية حتى نتعرف على السياق العام للأحداث، نقرأ في سفر القضاة ٣: ١٢-١٤
وَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُونَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، فَشَدَّدَ الرَّبُّ عِجْلُونَ مَلِكَ مُوآبَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُمْ عَمِلُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. فَجَمَعَ إِلَيْهِ بَنِي عَمُّونَ وَعَمَالِيقَ، وَسَارَ وَضَرَبَ إِسْرَائِيلَ، وَامْتَلَكُوا مَدِينَةَ النَّخْلِ. فَعَبَدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِجْلُونَ مَلِكَ مُوآبَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً. سفر القضاة ٣: ١٢-١٤
إن هذه الآيات تُظهر لنا كيف أنَّ الله قد سمح للموآبيّين بالهجوم على اسرائيل واحتلال جزء من أراضيها لمدة ثمانية عشر سنة، وكان ذلك عقوبة لأمة اسرائيل على عصيانها وتمرّدها على الرب الإله. حين تاب الإسرائيليّون وصرخوا إلى الرب لينجّيهم استجاب الرب بأن سمح لهم بأن يستردّوا أراضيهم التي احتلّها الموآبيّون كما يرد في القضاة ٣: ٢٨-٣٠. هذا الأمر متوافق مع ما ورد في سفر التثنية.
أما ارمياء ٤٨: ٢ فهي نبوءة عن الأمور التي ستصيب موآب وليس تعليمات تختص بتعامل الإسرائيليّين مع الموآبيّين؛ وبذلك يُظهر الناقد أنَّه لم يقم بقراءة الآية ضمن سياقها وبطريقة أمينة قبل أن يقفز إلى استنتاجه بوجود تناقض.